متى يعتبر الإنسان ميتاً شرعاً وطباً

تصنيف أولي: 

متى يكون الإنسان ميتاًيعرف الطب بأن الموت الإكلينيكي يعني توقف جذع المخ عن العمل مع باقي الأجهزة العصبية ويسمى بالعربي الموت سريرياً ولكن المريض لايفارق الحياة بإعتبار الأجهزة الإصطناعية التي تدفق الدم الى الجسم تجعله لا يفرق الحياة وبين رأي الطب و إختلاف الشرع الإسلامي في هذا الموضوع نلتقي الدكتورمأمون العبار أختصاصي الأمراض العصبية والحاصل على دبلوم في الفيزيولوجيا العصبية السريرية من فرنسا وعضو الرابطة الأوربية للعلوم العصبية

ليحدثنا عن هذه الحالة التي تسمى الموت الإكلينيكي في البداية نرحب بك دكتور ضيفاً عزيزاً على صفحات جريدتنا التي تسعى دائماً لتقديم ماهو مفيد لقراءها الأعزاء

*- مالمعنى العلمي للموت الإكلينكي أو السريري؟
**- الموت الإكلينيكي أو الموت السريري يعني إصابة المراكز الحيوية في جذع الدماغ وبالتالي تغيب أي فعالية بالدماغ (قشرية ) أو بجذع الدماغ (تحت قشرية) ويعد المركز الخاص بالتنفس الأكثر أهمية في هذه الحالة حيث يحتاج المريض الى جهاز التنفس الصناعي وهذا مايبقي المريض الميت السريرياً على قيد الحياة لبعض الزمن
وبالرغم من التلف الحاصل في المخ وتوقفه عن العمل يظل القلب والدورة الدموية يعملان لفترة من أيام الى أسابيع وأحياناً تطول هذه الفترة أكثر وذلك بحسب الأزية التي أدت الى إصابة الدماغ وفي هذه المرحلة تجرى للمريض إختبارات لمعرفة ما إذا كانت الوفاة كاملة أم أنها أمر عارض ويعود بعدها مركز التنفس للعمل مرة أخرى ، لكن بعد مرور مدة أسبوع غالباً ما يفشل القلب فشلاً وضيفياً ثم يتوقف تماماً وهو ما يعني في هذه الحالة الوفاة التامة للمريض

 

*- ماهي الأسباب التي تؤدي الى الموت السريري ؟
**- من الأسباب التي تؤدي الى أزية الدماغ وحدوث الموت السريري وهي
1- نقص الأكسجين الحاد
2- الجلطات الدماغية
3- أورام الدماغ
4- التهاب السحايا والدماغ
5- رضوض الرأس
6- جرعات مفرطة من الأدوية والسموم والمخدرات
7- التبدلات الحرارية
8- إصابة قلبية وعانية
9- قصور الكبد أو الكلية
10- الإضطرابات الغدية
يجب تشخيص الموت الدماغي بواسطة طبيبين حيث تجرى الإختبارات خبيرين حيث تجري الإختبارات عادة بفاصل /24/ ساعة وتتضمن الفحص السريري والعصبي ومعرفة السبب الذي أدى الى تلف الدماغ ونستعين عادة بإجراء تخطيط الدماغ الكهربائي

* - ماهي نسبة الأشخاص الذين يموتون إكلنيكياً ؟
** - أما نسبة الذين ييموتون إكلينيكياً ففي الولايات المتحدة الأمريكية تبلغ نسبتهم مابين 1الى 2 % وتختلف هذه النسبة بين الدول نظراً لطبيعة الظروف ومستوى المعيشة والرعاية الصحية ،

*- هل ترى أن نزع الأجهزة عن المريض (رحمة للمريض)؟
**- أمام ظاهرة الموت السريري لابد أن نشير الى مصطلح (الموت الرحيم ) والذي يعني مساعدة المريض الذي تلف دماغه على إنهاء حياته بشكل تام وذلك بإعطاءه بعض الأدوية التي تساعد على ذلك ويطلق على هذا الأمر (الموت الرحيم الإيجابي) أو بتركه وفصله عن أجهزة الإنعاش وذلك يسمى (الموت الرحيم السلبي ) وهذا الأمر شائع بالدول الغربية أما في الدول العربية والإسلامية فلازال هناك خلاف عليه الى درجة تحريمه
حتى نقل الأعضاء الذي يتم في مرحلة الموت السريري لزرعها لمريضى أخرين بعد إجراء الإختبارات النسيجية وهذا الأمر أيضاً مختلف عليه في بلادنا
*- ما هو رأيك شخصياً في هذا الموضوع ؟
ينظر البعض الى الموت كنهاية حتمية لجميع الكائنات الحية على أنه عقبة في طريق التطور ، وهذه النظرة غير صحيحة إذ بدون الموت لا يمكن للتوازن البيئي أن يبقى قائماً ولا يمكن للأنواع الأخرى أن تتطور إطلاقاً ولاأن تستمر الحياة

أما من الناحية الشرعية فلا زال علماء الشريعة يختلفون حول هذا الموضوع من خلال إطلاق فتاوى متناقظة بجواز إنهاء حياة الميؤوس من شفائهم ولم يتفقوا على حكم شرعي يضع حداً فاصلاً بين الشك واليقين بموت المريض أم لا
فهناك فريق من علماء الشرع أجمع على أن موت جذع المخ لا يعتبر موتاً كاملاً بل لابد من ظهور باقي علامات الموت الأخرى وهذا الفريق لا يعترف بأن هناك موت أسمه ( موت الرحمة) معتبراً أن على الطبيب بذل كل مافي وسعة لإنقاذ حياة المريض مهما بلغت نسبة اليأس من مرضه لأن حياة الإنسان أمانة لابد من المحافظة عليها
منطلقين من أن الشريعة الإسلامية تحرم أن يقتل الإنسان نفسه وبقول الله تعالى ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً ) كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن أن يقتل الإنسان نفسه وتوعد من يفعل ذلك بسوء المصير في الدنيا والأخرة ، لأن الله جلت قدرته لم يخلق داء إلا وأوجد له دواء
فالإسلام أمر بالتداوي وبإتخاذ كل الوسائل المتاحة من أجل أن يحيا الإنسان الحياة الطبيعية التي ترضي الخالق
كما أن الشريعة الإسلامية أمرت الأطباء بالإهتمام بالمريض وأن يبذلوا كل جهودهم من أجل علاجه ، والنتيجة بعد ذلك على الله لأن الطبيب لن يستطيع أن يؤخر حياة إنسان ( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) مؤكدين أن المريض حتى وإن طلب من الطبيب إنهاء حياته فعلى الطبيب ألا يفعل وألا يستجيب لطلبه
معتبرين أن نزع وسائل الإعاشة عن المرضى الميؤوس من شفائهم أو الذين دخلوا في مرحلة الغيبوبة قتلاً وهذا حرام لأن الذي يملك نزع الروح هو الله سبحانه وتعالى
وقد أتفقوا على أن تعريف الموت ( أن الموت شرعاً هو مفارقةالإنسان للحياة مفارقة تامة بحيث تتوقف كل الأعضاء توقفاً تاماً عن أداء وطائفها وهذا طبعاً يحدده الأطباء المختصين

ويرى فريق أخر من علماء الشريعة أن الذي أصيب بموت الدماغ يعتبر ميتاً شرعاً ويقول أن هناك ثلاث حالات معينة لبعض المرض لا يكون المريض فيها أقرب الى الموت بل يكون قد مات دماغه بالفعل وتعطلت كل أجهزته الدماغية تعطلاً نهائياً لا رجعة فيه من وجهة نظر الأطباء المختصين ومع هذا يصر أهله وذووه على أن يظل تحت أجهزة الإنعاش التي توفر له الغذاء والتنفس واستمرار عمل الدورة الدموية وقد يدوم على هذه الحالة شهوراً أو سنين وهم ينفقون عليه بسخاء ويظنون بذلك أنهم يراعون مريضهم ولا يهملونه في حين أنه لم يعد في عالم المرضى ، بل هو في الواقع في عالم الأموات منذ تحقق موت دماغه بالكلية ، كما يرون أن الإستمرار في علاجه بطريق أجهزة الإنعاش ضرب من العبث وإضاعة للجهد والمال والوقت في غير طائل وهذا ينافي ماجاء في الإسلام ويؤكد هذا الفريق بأن لو يفقه أهل هذا المريض دينهم حقاً ووعوا حقيقة الأمر وعياً جيداً لأيقنوا أن الأولى بهم والأكرم لميتهم الذي يعدونه مريضاً أن توقف عنه الأجهزة الصناعية وعندئذ ستتوقف تلك المضخة التي تمد عروقه بالدم و سيرى الجميع بأنه ميت فعلاً وحينئذ يوفر أهل المريض جهدهم وأموالهم ويوفرون سريراً لمريض أخر قد يحتاج إليه ولأجهزة الإنعاش
لأن أستمرارية بقائه على هذه الأجهزة تمثل إضاعة المال وإنفاقاً في غير جدوى وهذا منهى عنه شرعاً وكذلك الإضرار بالأخرين بحرمانهم من الإنتفاع بالأجهزة التي تستخدم لإنعاشهم تعتبر حق ومن القواعد القطعية التي جاءت في الحديث النبوي ( لاضرر ولا ضرار ) لأن الذي يبقيه على قيد الحياة ربطه بهذه الأجهزة فلوا رفعت عنه لفارق الحياة فوراً فبهذه الحالة لا حرج شرعاً في رفع الأجهزة عنه وتركه لقدره المقدور دون تدخل منا وهذا يسمى
( قتل الرحمة) لأننا لم نقتلة ولكن كل مافعلناه أننا أوقفنا مداواته أو معالجته عن طريق الأجهزة الصناعية
ويضيف هذا الفريق أنه لا يستطيع أي فقيه واحد أن يقول ( أن المعالجة عن طريق تلك الأجهزة واجباً شرعياً )

وبذلك لم نصل الى رأي شرعي ثابت في هذه القضية ليبقى السؤال قائماً هل يجوز نزع الأجهزة الصناعية ونريح المريض مقبولاً شرعاً أم لا؟


علاج السواد حول العين