شلل الأطفال يعود إلى سورية ويخيف أوروبا
بعد أن كانت سورية من أعلى بلدان العالم في النسب المحققة لتلقيح الأطفال، أصبحت الدولة الأعلى في نسب الإصابات الجديدة بشلل الأطفال. وهذا الموضوع الذي شغل الصحافة العالمية واستخدمه الجميع للابتزاز ولطرح أجنداتهم السياسية أصبح هماً جديداً للحكومة السورية.
المشكلة الصحية تعني أن طفلاً من كل 200 مصاب سيعاني من أعراض شلل الأطفال حادة، في حين أن الباقين سيكونون حاملين للمرض. وقد أثبتت الدراسات أن مياه المجارير في إسرائيل تحتوي على فيروس شلل الأطفال. ومع المشكلة السورية فإن عودة هذا المرض أمر محتوم. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الدول الأوروبية ذات نسب منخفضة من التلقيح مثل أوكرانيا (74%) والبوسنة والهرسك (87%) وحتى النمسا (83%)، فإن المخاوف الأوروبية من انتقال شلل الأطفال إلى القارة مبرر جداً. والنصائح بفحص "تجمعات" اللاجئين السوريين بدأت بالانتشار أكثر وأكثر.
موقع منظمة الصحة العالمية حول نسب التلقيح
ففي المناطق السورية المحتلة من قبل المتمردين المسلحين انتشرت حالات الإصابة بشلل الأطفال بعد أن قاموا بإيقاف شحنات اللقاحات ومهاجمة الشاحنات وسيارات الإسعاف التابعة للدولة السورية. وضمن سياسة مدروسة في إهانة الشعب السوري، يقوم المتمردون بقطع الطريق واحتلال المناطق السكنية وقصف ما تيسر منها، وتدمير مولدات الكهرباء ومنشآت المياه بحجة أنهم لا يريدون "كهرباء الأسد"، ويقومون بعد انقطاع الخدمات باتهام "النظام" بتجويع الشعب وتعذيبه. والمشكلة في القانون الدولي أن المناطق التي يسيطر عليها المتمردون لا تعتبر محتلة رسمياً، أي أن أي نقص أو مصيبة هي من مسؤولية الدولة بشكل كامل. وبعد أن كان نور الإسلام يكفيهم في السنة الماضية، تم منع لقاحات الأطفال من الوصول إلى مناطق متل الرقة (محتلة بنسبة 100%) وحلب المدينة (50%) والريف (90%) وريف دمشق (غير محدد). وهذه المناطق هي الحاضنة لأكثر من 110 حالات محتملة من شلل الأطفال، تقوم منظمة الصحة العالمية أن 10 منها قد تم تشخيصه بإصابة فيروس شلل الأطفال polio.
تشير مجلات مثل لانسيت إلى أن عدم طلب السعودية من الحجاج السوريين الحصول على لقاح شلل الأطفال قد يكون ساعد على انتشار الإصابة، وانتقال مئات الآلاف من السوريين إلى الدول المجاورة والعيش في خيام بدون الحصول على رعاية صحية كافية قد يكون عامل آخر.
الدولة السورية تتحمل كامل المسؤولية، فهي من الغرور بحيث لا تعلن المناطق المحتلة على أنها "محتلة"وتخلي نفسها من المسؤولية بشكل يسمح لها بحرية العمل الحربي والمعنوي قانوناً. ولا هي مهتمة بوضع هذه المناطق على أنها ذات حكم ذاتي. والنتيجة وباء شلل أطفال متوقع خاصة مع استمرار المتمردين بسياسة مقاطعة ومقاتلة أي شيء يشبه الحضارة الإنسانية سواء كانت الكهرباء أو التلفاز أو في هذه الحالة... اللقاحات... وكما بدأت قصة الكيماوي منذ سنتين لتصل إلى قمتها في الصيف، نتوقع أن نرى المزيد من هذه القصة في الأخبار.
فيروس شلل الأطفال يبدأ كحمى تصيب العضلات بالوهن والارتخاء، وتتراجع عادة بعد أيام قليلة لكنها تصيب بعض الأطفال بالضرر في الأعصاب المحركة للأطراف مما يتسبب بالشلل. وتختلف شدة الإصابة حسب مدى الضرر. وبسبب عدم النمو الصحيح للأطراف لاحقاً نجد مرضى شلل الأطفال ذو أطراف قاصرة النمو. الجدير بالذكر أن انتهاء الإصابة لا يعني دوماً الشفاء، بل يمكن أن يبقى الإنسان حاملاً للمرض وينقله للأخرين.
ينتقل فيروس شلل الأطفال عن طريق الفم والمياه الملوثة بالمجارير. وكونه إصابة فيروسية فلا يمكن عمل الكثير لعلاج المرض أثناء الحمى، وأقصى ما يمكن تقديمه هو خافضات حرارة ومضادات فيروسية غير نوعية مثل الانترفيرونات.