من عظماء الطب: لويس باستور

تصنيف أولي: 

لويس باستورعالم أحياء دقيقة و كيميائي معروف لدى العامة بتجاربه التي أثبتت أن الكائنات الدقيقة هي المسؤولة عن الأمراض و عن اللقاحات ، وقام أيضاً باكتشاف عظيم في الكيمياء بخصوص تناسق الجزيئات في المادة وعلاقته بإنعكاس الضوء،  وكانت له يد في حل مشكلة دود الحرير وكوليرا الدجاج ، وهو يعتبر أول من أوجد عملية البسترة في الحليب ، و كما يلاحظ أن كلمة مبستر تكتب على علب الحليب في وقتنا الحالي.

اعتبرت الأمراض منذ زمن ليس ببعيد أسراراً تحير البشر، و كانت هنالك فترة لم يسمع فيها الناس شيئا عن الجراثيم ولم يفهم فيها حتى الأطباء منهم فكرة انتقال الأمراض من شخص إلى آخر،  ساد هذا الحال في أوروبا على مدار القرن التاسع عشر.
بما أن الناس لا يعرفون ما يسبب الأمراض، كانوا يأتون بعدة تفسيرات لها، لكنها خيالية جدا وليست علمية، فاعتقد البعض أن الأمراض، إلى جانب الحشرات الصغيرة كالقمل واليرقات والخنافس، يمكن أن تنشأ عن خفة الهواء،أما باستور فيقول : أما أنا فكنت رجل علوم، فأثبت دون مجال للشك، بأن مخلوقات صغيرة اسمها جراثيم، تسبب بعض الأمراض.
ولد لويس باستور عام 1822 في بلدة "دول" الصغيرة شرق فرنسا ، كان والد باستور دباغاً أراد لابنه أن يكون مثقفاً فأوفده إلى باريس بعد أن أنهى دراسته الإعدادية في "أربوي" كي يتابع تحصيله في دار المعلمين لكن المرض أقعده عن متابعة الدراسة ، وبعد أن تعافى أرسله والده إلى الكلية الملكية التي تخرج منها عام 1840 يحمل ليسانس في الآداب وكان يدرس الرياضيات في الوقت ذاته وحصل بعد عامين على بكالوريس في العلوم التي أولع بها جداً رغم عدم تفوقّه في الكيمياء التي صمم أن يكون ذا شأن فيها ، وقد أدرك أساتذته أنه ليس تلميذاً عادياً، بل كان دقيقاً جداً وشامل،  يصّر على تنفيذ الأشياء بدقة.
اتجه باستور إلى دراسة ظاهرة التخمر واهتدى إلى أن سبب التخمر يرجع إلى كائنات جرثومية صغيرة وأن هذه الكائنات الصغيرة هي المسئولة عن إفساد المشروبات المخمرة وبسرعة توصل إلى نتيجة أخرى : أن هذه الكائنات من الممكن أن تؤدي إلى إيذاء الإنسان والحيوان لم يكن باستور هو أول من لاحظ ذلك بل سبقه إلى هذا الأكتشاف كثيرون، لكنه أول من أثبت صحة ذلك بالتجربة العلمية ، وهذا وحده هو ما أدى إلى إقناع كل علماء عصره .
فإذا كانت الجراثيم تسبب المرض، فإن القضاء على الجراثيم أو منعها يقضي على المرض أو يخفف منه ، ولذلك كان أول من دعا إلى استخدام المضادات لوقاية الإنسان من المرض وقد أدى ذلك إلى استخدام عالم أخر هو جوسيف ليستر المضادات عند إجراء العمليات الجراحية.
في الخمسينات من عمره التفت باستور إلى دراسة مرض خطير يصيب الإنسان والحيوان يدعى الجمرة ، واكتشف أن نوعاً خاصاً من البكتريا هو المسبب لهذا المرض ، واستطاع أن يقوم بإنتاج عصيات ضعيفة لهذا الميكروب وحقن بها الحيوانات مما أدى إلى حالة مرضية أخف لا تقتل الحيوان المصاب ، بل إنها ساعدت الحيوان على تخليق مناعة للإصابة ضد المرض. أدى هذا الأكتشاف إلى هز الأوساط العلمية في العالم ، واكتشف الأطباء أن طريقة باستور هذه من الممكن أن تقي من أمراض أخرى كثيرة ، كما أن باستور استطاع أن يقوم بتطعيم الناس ضد مرض الكلب ولقد جرب هذا اللقاح للمرة الأولى على طفل من الألزاس واسمه جوزيف مستير سنة 1885 ، واستخدم اطباء أخرون منهج باستور في عمل أمصال للوقاية من أمراض أخرى كثيرة خطيرة مثل التيفوئيد .

باستور من العلماء الذين يعملون كثيراً ، وقد أدى جلده وصبره على العمل إلى كشوف كثيرة في الطب، وهو الذي اكتشف أيضاً أن هناك كائنات أخرى تستطيع أن تعيش دون الحاجة إلى الهواء أو الأكسجين وهي المسماة بالجراثيم اللاهوائية.
كما أن أبحاثه على دودة القز قد أدت إلى نتائج اقتصادية هائلة ، ومن بين اكتشافاته العظيمة الأمصال ضد إصابة الدواجن بالكوليرا.
لخص بول برت ما توصل إليه باستور بدراسته عن الاختمار والجراثيم بالنقاط الثلاث التالية:
ـ إن كل حادثة اختمار تنتج من جرثوم معين.
ـ إن كل مرض سارٍ ينتج من نمو جرثوم في الجسم.
ـ إن الجرثوم الذي يزرع في شروط خاصة يخف تأثيره وتضعف فعاليته ويصير حينئذٍ لقاحا
توفي باستور عن عمر يناهز الثالثة والسبعين عام 1895 تاركاً بصمة عالم أثّر إيجابياً في صحة ملايين البشر.
كان والد لويس يرجع إلى بيته ليلا من عمله اليومي المضني ويضع ابنه على ركبتيه ويقول: " آه يا لويس ما أسعدني أن تصبح أستاذا، هنا أعمل طول النهار بهذه الجلود المنتنة, فأدبغها لتصير جلودا ، لقد قضيت سنين كثيرة المشاق وأود أن تكون حياتك أسهل من حياتي ,يا بني، يجب أن تتعلم "
كان لويس في الثانية من عمره فقط وكانت والدته تقول: "نعم، يجب على ابننا أن يتعلم" ولكنهما لم يريا الرجل العظيم الذي قدر له أن يكون عالماً ، ولو استطاعا أن ينظرا ستين سنة إلى المستقبل لكانا رأيا على باب البيت الذي كانا يعيشا فيه لوحة كتب عليها بأحرف من ذهب :باستور
"هنا ولد لويس باستور في  27 كانون الاول 1822 ".
دفن باستور في مقبرة العظماء (البانتيون) بباريس.
لـكم احترامي

البيهـس