تاريخ المضادات الحيوية من العصور القديمة الى القرن التاسع عشر : بدائل المضادات الحيوية

إن الدلائل الأولى على استخدام الإنسان للنباتات أو المواد الطبيعية الأخرى لأعراض علاجية تعود الى الفترة النذرثالية قبل 50 ألف سنة .

في شمال العراق اكتشف علماء الآثار بقايا بشرية دفنت مع أعشاب يعرف الآن أن لها خواص قاتلة للجراثيم ولايزال عدد هذه الأعشاب يستخدم من قبل قاطني هذه المناطق الى اليوم.
 

العسل :

كتبت أول وصفة لعلاج الإنتانات من قبل المصريين سنة 1550 قبل الميلاد كتبت هذه الوصفة كما يلي mrht,byt,ftt
وكانت مزيجاً من شحم الخنزير والعسل والكتان وقد استخدمت كمرهم لتضميد الجرح .
إن العسل يقتل الجراثيم بإخراج الماء منها كما أن الانهيبين وهو أنزيم موجود في العسل يحول الغلوكوز والأوكسجين الى هيدروجين بيروكسايد وهو مضاد للإنتان , كذلك وجد أن العسل ممتاز في علاج قرحات الدوالي المصابة بإنتان .
لقد كانت المادة المسماة Tincta in melle linamenta وصفة شائعة عند الرومان وهي تشبه المرهم الذي كان المصريون يستخدمونه والذي كان العسل هو المادة الفعالة فيه ,كذلك اليونان استخدموا العسل في تضميد الجروح وغالبا ما كانوا يمزجونه مع أوكسيد النحاس .
في الماضي القريب خلال الحرب العالمية الثانية استخدم العسل وشحم الخنزير في شانغهاي لعلاج الجروح وإنتانات الجلد وكانت نتائجه جيدة جداً.

الخمائر:

لقد أظهرت أعمال ألكسندر فلمنغ في العشرينات أن الخمائر كالبنسيلينيوم تنتج موادَّ كيماويةً مضادة للجراثيم لكن استخدأم الخمائر يعود إلى المصريين وربما قبل ذلك.
فقد كتب طبيب مصري على ورق البردي قائلا(( اذا فسد الجرح ضع عليه خبزا متعفنا )) وفي الحقيقة لقد استخدم المصريون كل أنواع الخمائر لعلاج الإنتانات السطحية, الدمامل, الحبوب وإنتانات الجلد الأخرى.
 

النبيذ والخل:

استخدم النبيذ والخل لعلاج الجروح المنتنة منذ أيام أبيقراط , يعتبر الخل حمضاً ذا خواص مضادة للإنتان ( اي انه مادة كيماوية تقتل كل الكائنات الممرضة بما فيها الفيروسات والجراثيم ) .
إن الفعالية المضادة للجراثيم في النبيذ لايمكن عزوها الى الكحول فقط لأن تركيزه قليل جداً , لقد أثبتت تحاليل كيماوية حديثة للنبيذ أنه يحتوي على مادة مضادة للجراثيم تدعى مالفوسايد وأن هذه المادة هي التي تعطي النبيذ الفعالية ضد الجراثيم.

النحاس :

لقد استخدمت المواد غير العضوية لعلاج الإنتانات عبر العصور فاستخدم النحاس من قبل المصريين واليونان والرومان على نطاق واسع مع العسل .
لقد أثبتت الأبحاث العلمية الحديثة أن النحاس مضاد للجراثيم, فعلى سبيل المثال يوجد مرض جلدي تسببه المكورات العنقودية يسمى القوباء وهو يعالج حاليا في فرنسا بمادة تسمى Eau Dalibour وهي مزيج من النحاس والزنك , تعود هذه الوصفة الى طبيب يدعى جاك داليبور وكان جرَّاحاً عامَّاً في جيش لويس الرابع عشر وربما كانت جزءاً من الطب الشعبي الفرنسي لفترة طويلة قبل ذلك .
القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين:

الجراثيم الجيدة :

خلال القرن التاسع عشر أجريت عدة تجارب في محاولة لإيجاد مضاد للجراثيم ذي تأثير سحري قوي يخلص البشرية من بلاء الإنتان .
في سنة 1877 وجد الباحثون في باريس أنه بالإمكان استخدام جراثيم جيدة لعلاج الجراثيم الممرضة او المؤذية أثبتت هذه التجارب أنه يمكن استخدام الجراثيم غير المؤذية لمنافسة الجراثيم الممرضة وإن كانت لاتستطيع قتلها .
لقد أثبت لويس باستور في باريس الآثار المفيدة لحقن الحيوانات بجراثيم غير مؤذية من التراب لتنافس جراثيم الجمرة.
أثبتت عدة تجارب أخرى على الجمرة والكوليرا أن هذه الجراثيم غير المؤذية يمكن أن توقف نمو الجراثيم المسببة للأمراض .

بيوسيانيز:

في المانيا سنة 1888 عزلت مادة مضادة للجراثيم أظهرت التجارب على الحيوانات أن هذه المادة فعالة جداً لكن التجارب على الناس الذين يعانون إنتانات مختلفة كانت مخيبة للآمال إذ ظهر أن الدواء سام جداً لذا أوقفت كل التجارب المتعلقة به.

سالفارسان :

في سنة 1910 أظهرت مادة واعدة تسمى سالفارسان (صباغ) أنها فعالة ضد مرض الزهري وكان شائعا في تلك الأيام .
مرة أخرى كانت سمية الدواء عائقاً دون استخدامه على نطاق واسع عند الإنسان.
إن مشكلة السمية والعجز عن إيجاد مضاد حيوي آخر كانا عاملين سببا توقف الباحثين .
وهكذا خف الحماس إلى إيجاد (الحبة السحرية) التي ستخلص البشرية من الأمراض الإنتانية التي كان الكثير منها يسبب الموت في ذلك الوقت .
 

الصيدلانية رهف محمود سليمان